بعد سلسلة التحركات التي قامت بها الفصائل والمنظمات الفلسطينية، والاعتصامات المتنقلة التي شهدتها معظم المخيمات،أعلن المدير العام لـ "الأونروا" في لبنان ماتياس شمالي أن "الأونروا تمكنت في اللحظة الأخيرة من تأمين التمويل الضروري لتتمكن من بدء العام الدراسي في الوقت المحدد "، لكنه عبر عن أسفه من ناحية أخرى، لأن "الأونروا" ستقدم آخر مساعدة نقدية للأسر والتي تبلغ قيمتها 100 دولار أميركي في منتصف أيلول المقبل، على أن تتوقف هذه المساعدة في الربع الأخير من هذا العام.
وفي بيان توجه فيه إلى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قال شمالي: "استكمالا لجهود المفوض العام الحثيثة لحشد الدعم، عقدت وزملائي اجتماعات عدة هنا في لبنان مع رئيس الوزراء ووزراء آخرين، بالإضافة إلى الدكتور حسن منيمنة، رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني وشخصيات لبنانية بارزة مثل النائب بهية الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، إلى جانب عدد من السفراء وقادة في مجتمعات اللاجئين وزملاء لنا في الأمم المتحدة من أجل شرح الوضع وطلب المشورة والدعم". وعبر الجميع عن "تضامنهم معنا وعن عمق قلقهم حيال وضع الأونروا، علما أنهم اتخذوا تدابير خاصة لحشد الدعم".
أضاف شمالي: "يبدو جليا من خلال المناقشات معكم والتظاهرات السلمية، الأهمية الكبيرة التي تولونها إلى التعليم من جهة باعتباره أمل المستقبل، والى الأونروا من جهة أخرى، لكونها الشاهد على نكبتكم وعلى حقكم في العيش بكرامة. تركتم انطباعا قويا ودائما لدينا مع تشديدكم مرارا وتكرارا أن التعليم هو آخر مجال يمكن المساس به إذا أرغمت الأونروا على إنقاذ الوكالة".
وتابع  "لقد حصلنا مؤخرا على مساهمة مهمة أخرى تصل قيمتها إلى 2.9 مليون دولار أميركي من الحكومة الأميركية وهي مخصصة للدعم النقدي المقدم إلى لاجئي فلسطين من سوريا، ما يسمح لنا بالاستمرار في توفير بدل الغذاء وقيمته 27 دولارا أميركيا للفرد الواحد شهريا وذلك حتى نهاية العام"، مشددا على أنه فيما نسعى إلى الاستمرار في تقديم المساعدة المالية لعام 2016، إلا أن هذا الأمر رهن لتمويل محدود توفره الجهات المانحة وبالتالي فمن المحتمل انتفاء القدرة على الاستمرار في توفير هذه المساعدات خلال العام المقبل".
وأشار شمالي إلى أنه "مع إصدار قرار فتح المدارس في الوقت المحدد، حققنا هدفا من أصل هدفين في إدارة أزمتنا المالية"، مشددا على أنه "يجب علينا الآن أن لا نتهاون وأن نستمر في التركيز على الهدف الثاني، وهو معالجة القضايا الهيكلية التي وضعتنا في هذا الموقف وتأمين أساس مستدام لتمويل عمل الأونروا على المدى الطويل، لذلك سنستمر في مواجهة تحديات مهمة في الأسابيع والأشهر المقبلة بما في ذلك النظر في كيفية إدارة الموارد المؤتمنة الينا في الأونروا بأقصى درجات من المسؤولية والفعالية".
إصرار على النظر في الهدر والفساد
وفي خصوص المخاوف من الهدر والفساد قال شمالي: "نحن نصر على الاستمرار في النظر في مثل هذه الإدعاءات والتأكد من أننا نقدم خدمات مستدامة وذات جودة. وأنا على ثقة أننا نستطيع في الأونروا أن نعول على دعمكم في القيام بذلك. العديد منكم يطرح أسئلة حول مستقبل خدمات الإغاثة في مخيم نهر البارد وأعمال إعادة إعمار المخيم في ما يتعلق بجهود إعادة إعمار المخيم، فنحن نملك التمويل الكافي والذي يتضمن التبرع الأخير المقدم من السعودية، لضمان عودة نحو 60 في المئة من السكان النازحين بحلول نهاية العام 2016"، مشيرا إلى "أننا نبذل جهدنا من أجل حشد المزيد من الموارد لدعم العائلات المتبقية والتي يصل عددها إلى نحو 2000 عائلة نازحة ومساعدتها للعودة إلى مخيم نهر البارد. ولتحقيق هذه الغاية، نحن نستعد مع الحكومة اللبنانية ومختلف الشركاء لعقد اجتماع في شهر أيلول لطرح مختلف الخيارات على طاولة النقاش لإنجاز هذا العمل ولحشد المزيد من الدعم المالي".
آخر 100 دولار في منتصف أيلول المقبل
وأضاف شمالي: "يؤسفني أن أبلغكم أننا سنتمكن من تقديم المساعدة النقدية الربعية كبدل إيجار لمرة واحدة فقط في منتصف شهر أيلول بقيمة 100 دولار أميركي شهريا لكل أسرة مؤهلة أن تحصل على هذا الدعم، ولكن للأسف ستكون هذه المساعدة الأخيرة من نوعها إذ أنه وبسبب النقص في التمويل سيتحتم علينا أن نوقف هذه المساعدات اعتبارا من الربع الأخير من هذا العام، وسنواصل البحث عن سبل لمعالجة تكاليف الاستشفاء المرتفعة جدا في المستشفيات في لبنان، ونحن بصدد إعداد سياسة إستشفاء جديدة والتي من المرجح أن تقلص من ناحية التغطية الكاملة بنسبة 100 في المئة من تكاليف الرعاية الصحية من المستوى الثاني، ومن ناحية أخرى من المحتمل أن تسمح لنا بزيادة تغطية تكاليف الرعاية الصحية من المستوى الثالث بشكل طفيف. ونحن ندرك جيدا أن الدعم الحالي والمستقبلي الذي تستطيع أن توفره الأونروا للمرضى الذين يعانون أمراضا مزمنة مثل السرطان، غير كاف أبدا لتلبية جميع التكاليف، وسوف نحاول بإستمرار أن نحشد دعما إضافيا من أجل تخفيف الاعباء الضخمة المترتبة عن التكاليف والمرتبط بالمرض الشديد".
وخلص شمالي إلى "أننا نمر بأوقات صعبة، ولا يرغب أي منا في الأونروا أن يكون في موقف يرغمه على مشاركة الأخبار الصعبة. وكما يقوم المفوض العام بتذكير المجتمع الدولي في كثير من الأحيان، لا تتعلق هذه المسألة بالمساعدات فحسب، بل بإيجاد حل عادل"، مؤكدا "التزام كل فرد منا في الأونروا، ليس فقط بضمان وصولكم إلى الخدمات الأساسية التي هي حق لكل إنسان، ولكن أيضا بتعزيز دورنا كشاهد على محنتكم كلاجئين لفترة طويلة من الوقت"، آملا ب"إيجاد وسيلة لوضع الأونروا على أساس أكثر استدامة لتنفيذ ولايتها قدر المطلوب".